هاتفني الصديق والكاتب الصحفي ممدوح طه قبل أيام وهو في حالة قلق واستياء شديدين من ظاهرة منتشرة بشكل واضح لبيع الادوية عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وبعض شاشات الفضائيات، وهو ما يمثل خطورة على الصحة العامة، وحياة البشر.
الصديق ممدوح قال إنه تواصل مع جهات رسمية لنقل تخوفه وتحذيره من تلك الظاهرة، إلا أن الردود عليه جاءت مخيبة للآمال، بل بعضها تم التعامل معها بلامبالاة، وربما بدرجات استخفاف، وشعر بحالة غضب وضيق من التعامل غير المناسب بشكواه بل قل تحذيره.
وقال إنه اتصل بجهات معنية بالدواء مثل هيئة الرقابة على الدواء، وحماية المستهلك، مطالبا بضرورة وجود رقابة لمنع مثل هذا النوع من وسائل التسويق لبيع أدوية، حتماً أنها مجهولة المصدر، إلا ان الردود لم تشفِ غليله، وتريحه من حالة القلق، خصوصاً أن البيع يتم للأدوية، والتي من الممكن أن تصبح أداة قتل، بدلاً من أن تكون أدوات علاج.
ولاشك أن ظاهرة بيع الأدوية وما شابهها انتشرت بشكل واضح عبر المواقع الإلكترونية، وشاشات فضائية، وأخذت أشكالاً جديدة في الفترة الأخيرة، وادعي مروجوها بأن الأطباء والصيادلة وشركات الأدوية يحاربون مثل تلك الأدوية لأنها أكثر فعالية، وأرخص كثيراً من نظيرتها في مراكز تجارة بيع الأدوية.
ولفت نظري في الفترة الأخيرة، بأن الترويج لهذه النوعية من الأدوية، يستخدم ومن خلال الذكاء الاصطناعي أسماء وصور وفيديوهات لأسماء كبيرة من الأطباء والجراحين، ومن بين هؤلاء العالم والطبيب العالمي الدكتور مجدي يعقوب، وهو ما يُعد جريمة متكاملة الأركان، وتستحق إجراء عاجل، لأنها تدخل ضد الغش والتدليس، والإساءة لأسماء كبيرة من الأطباء.
وكلنا نسمع عن قضية الدكتور جودة محمد عواد أستاذ الأغذية والمناعة، وتضرره -عبر صفحته على "السوشيال ميديا" من استخدام صورته وصوره في بيع منتجات متنوعة عبر شاشات وقنوات فضائية، وقيامه بتقديم بلاغات في الرقابة الدوائية وكافة الجهات الرسمية، لحمايته وحماية اسمه من مثل هؤلاء النصابين.
ومن الملاحظ أن مروجي مثل تلك الأدوية "مجهولة المصدر"، تتم لأمراض منتشرة، وتغازل الأمراض الأكثر شيوعاً، مثل آلام وهشاشة العظام، وآلام الظهر والعمود الفقري، وأمراض مثل السكري، وأمراض المعدة، خصوصاً القرحة والالتهابات المعوية، وآلام البواسير والناسور والبروستات، وما يتصل بها، بخلاف أدوية المنشطات، وما شابهها، بل آلام الصداع وغيرها.
حتماً القضية ليست بسيطة، بل خطيرة، وكثير من الناس تقع فريسة لهؤلاء، بحثا عن أمل في الشفاء والعلاج، فالمريض وطالب الشفاء يتعلق بأي أمل حتى ولكن وهمياً، فآلام المرض تدفع أي مريض إلى البحث عن وسائل لتخفيف آلامه.
مؤكد أن هناك جهود تقوم بها جهات الاختصاص، وهناك حملات توعية، إلا أن ظاهرة بيع الأدوية مجهولة المصدر وعبر "الفضاء الإلكتروني" و"الفضائيات" أكثر شيوعاً، وربما اقوى من جهات المتابعة والرقابة، مما يتطلب مراجعة أدوات الرقابة، ووسائل أكثر حزماً، وتوعية أعلى.
وتزامنت استغاثة الصديق ممدوح طه مع بوست آخر للصديق والزميل الكاتب الصحفي مصباح قطب، حول ما اعتبره جهاز حماية المستهلك أنه "إحباط أكبر عملية لإعادة تدوير الأجهزة الكهربائية وقبل تداولها بالأسواق".
وقال الصديق مصباح قطب حول الموضوع "خبر مقرف جدا، الشرطة مسكت مصنع في البساتين بيجمع الثلاجات والغسالات من قطع غيار قديمة من كل الماركات، واي واحد عاقل في العالم مفروض يعرف قيمة مهارات مثل هؤلاء الأسطوات... اللى على اكتاف امثالهم نشأت شركات عالمية، ويهتم بترقية نشاطهم".
وقال" غسالتنا باظت .... كانت شغالة بشريحة تركي أول ما تعطل لا تلاقيها ولا تعرف تصلحها، ولم ينقذني إلا مثلهم، حول الغسالة إلى مانيول مستخدما قطع غيار قديمة، وبقالها 4 سنين كويسة".
ولفت نظري هذا البوست، فقد تعامل جهاز حماية المستهلك مع هؤلاء كمجرمين، بينما كان الأكثر أهمية هو كيفية تقنين مهنية واحترافية مثل هؤلاء، وتنمية مهاراتهم، والاستفادة منهم بطرق أفضل، وبيع منتجاتهم على أنه مستعملة.
انا شخصياً زرت بلادا كثيرة، وجدت سوق المستعمل له مكانة، ويضم منتجات تم إعادة صيانتها، وتحديثها، وبيعها على أنها "مستعمل"، وفي الأسواق بما فيها السوق المحلي منتجات لماركات عالمية تباع في السوق على أنها مستعملة.
مثل هذا النوع من المنتجات يحتاج لتقنين، ورعاية، وأعتقد ان جهاز تنمية المشروعات الصغيرة يمكن أن يقوم بهذا الدور، طالما أن المنتجات لا تضر بالماركات الاصلية، ولا تمثل خطراً في الاستخدام.
كنت ومازلت أتمنى أن تتعامل أجهزة الدولة مع بيع المنتجات الدوائية مجهولة المصدر، بنفس ثورتها على ورشة البساتين للأجهزة الكهربائية، والبحث عن حلول تناسب كل حالة.
-------------------------------------
بقلم: محمود الحضري